CCG


اعادة الاستخدام والتجديد لغايات تنشيط حركة القطاع العقاري

11/2/2020 12:00:00 AM
news images

هل سيتمكن المستثمرين وأصحاب العقارات من تحقيق الربحية والاستفادة من اعادة التكيُّف بمجرد الانتهاء من أزمة تفشي كوفيد-19؟ وهل من الممكن أن نشهد ازدهاراً في شراء العقارات بعد انتهاء الجائحة؟

كيف سيبدو مستقبل العقارات في المدن الكبرى في العالم؟ ان تداعيات الوباء فاقمت من الوضع الحالي للقطاع العقاري حيث أثّرت عليه سلباً بشكل كبير، مما أدى الى انخفاض واسع النطاق في الدخل وأسعار الإيجارات، إلى جانب انخفاض الطلب على العقارات، وأصبح مالكي العقارات يواجهون تحديات حقيقية في تراجع اسعار مبيعات العقارات الجاهزة وكذلك آفاق الدخل المنخفض بسبب التحديات التي فرضها هذا الوباء على السوق العقاري.

وحيث أن بعض الأسواق تعاني من نقص في عدد الوحدات السكنية، فإن البعض الآخر يعمل على انشاء وحدات جديدة باستمرار وبمعدلات مبالغ فيها أو يعمل على تزويد القطاع بانواع عقارات غير مطلوبة بالسوق. وبناء على ذلك، كيف يمكن لمالكي العقارات والمستثمرين الابقاء على الربحية في سوق متخم بالعرض، خاصة مع التحديات التي فرضتها جائحة كورونا على الاقتصاد المحلي والعالمي والاقليمي؟       

في مدينة دبي، بلغ معدل المباني الجديدة المعروضة في السوق أعلى مستوياتها على الإطلاق. حيث ذكرت جريدة جلف نيوز أن هناك 42,109 عقاراً جديداً من المتوقع أن يكتمل هذا العام، وهناك أكثر من 157,630 عقار قيد الإنشاء، وعلى الرغم من ذلك؛ ما زال المستثمرون يميلون بشكل متزايد نحو هذا النوع من العقارات.  وبالتالي ان هذا العرض الزائد أصبح يهدد بانخفاض الأسعار أكثر وأكثر مع مرور الوقت، حيث تقترب الاسعار الى أدنى المستويات التي وصلت إليها في نهاية الدورة العقارية الأخيرة لعام 2010. ومع المعدل الحالي للتسليمات الجديدة من المرجّح أن تنخفض أكثر.  وأكّدت دائرة الأراضي والأملاك أن المعاملات العقارية تراجعت بنسبة 38.8٪ في الربع الثاني من عام 2020 مقارنة بالعام الماضي.

على صعيد الواقع الحالي،  وبغض النظر عن عدد المعاملات الجارية، سيكون هناك عدد كبير من المباني غير المأهولة.  وتسبب كوفيد - 19 في تفاقم الوضع الراهن لأن سوق العقارات في دولة الإمارات يعتمد غالباً على الوافدين من الدول المجاورة، والعديد منهم قد غادر بسبب تدني الرواتب، وتقليص حجم الشركات، مما أتاح الفرصة للمستأجرين الذين مازالو في المدينة السكن أو التملك لعقارات أكبر أو أحدث لرفع مستوى معيشتهم بنفس أسعار عقاراتهم الحالية أو حتى أقل

ساهمت هذه العوامل على خلق توقعات قاتمة لأصحاب العقارات والمستثمرين في المدينة. ولا تقتصر هذه الظاهرة على مدينة دبي ، بل أدى إغلاق الشركات على نطاق واسع وفقدان الوظائف وتخفيض الرواتب إلى زعزعة أسواق العقارات في جميع أنحاء العالم.

على سبيل المثال؛ كان الطلب في السابق أعلى على الأبراج السكنية في مراكز المدن والذي تغير في طبيعته حالياً، حيث انتقل العديد من المستأجرين إلى خارج المدن بسبب فقدانهم لوظائفهم. وتغيرت كذلك أنماط العمل لتشمل توجهات العمل عن بعد أو من المنزل، مما قلل من أهمية التملك والسكن في مراكز المدن حيث تكون الإيجارات عادةً أعلى والعقارات ذات مساحات أقل. ومنذ الإغلاق الأخير الذي تم فرضه في العديد من البلدان، أظهر المستأجرون والمشترون تفضيلهم للعقارات الأكثر اتساعًا مع حدائق أو مساحات خارجية، وانخفضَ في المقابل الاهتمام بالشقق ذات المناطق المشتركة.

اضافة لذلك، توقفت العديد من دفعات الاستثمارات العقارية بسبب نقص دخل مالكيها، أو بسبب مغادرة المستثمرين لمتابعة فرص استثمار أو أولويات أخرى. كذلك المشاريع التي هي قيد الإنشاء قد لا تحصل على التمويل الكافي لإكمالها، مما يترك المباني غير المكتملة معلَّقة كأطلال دالة على أحداث هذا العام.  بالطبع قد تكون بعض هذه التغييرات مؤقتة، لكن العالم يتغير بسرعة ونتوقع رؤية تأثيرات طويلة المدى في أثناء التحول إلى الوضع الطبيعي الجديد.


ماهو الحل؟

إن السوق الحالي يواجه صعوبات وتحديات صعبة وقاسية، إلا أنه يوفر فرصًا حقيقية للمطورين والمستثمرين ومالكي العقارات وذلك باعادة توظيف الأصول العقارية لتتناسب مع متطلبات السوق الجديدة بدلاً من الابقاء عليها راكدة وغير مستغلة. حيث تعتمد الخيارات الأكثر فعالية على نوع العقار وموقعه وحجم الطلب.ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحديث المباني القديمة أو غير المكتملة لإبقائها ملائمة لمتطلبات السوق الجديد، وذلك إما عن طريق إعادة الإحياء أو إعادة الاستخدام.

اعادة الإحياء

في مدن مثل دبي التي تشهد زيادة في العرض، تتطلب العقارات قدرًا متزايدًا من الصيانة للحفاظ على مستوى البناء واشغاله. ومع ذلك، بدلاً من التسرع في تحديث المباني واعادة تجديدها، ينبغي تخصيص الوقت للدراسة والبحث لمعرفة ما يناسب السوق.

فعلى سبيل المثال، وعند دراسة السوق الحالي، سنجد فائضاً في المعروض من العقارات الفاخرة، مما سيجعل التحسينات على هذه العقارات باهظة الثمن وبدون جدوى مقارنة بالعقارات الجديدة التي تناسب إعادة الإحياء وتجعلها ذو جدوى. وسنلاحظ طلباً أكبر على العقارات المؤجرة (قصيرة الأجل) خاصة للشباب أو للعائلات الصغيرة.  لذلك ستكون التجديدات أكثر فاعلية عندما يتم تصميمها لتلبية حاجة السوق وتطلعات الساكنين.

إعادة الاستخدام والتكيُّف

عندما تصبح المباني القائمة مهجورة (غير مأهولة بالسكان) وقديمة، أو غير مجدية على الصعيد الاقتصادي بسبب نقص الطلب، يمكن إعادة توجيهها واستخدامها إلى شيء أكثر قيمة وظيفيًا وماليًا.

ان اعادة استخدام بناء قائم مقارنة مع تشييد بناء جديد قد يكون الحل الأفضل؛ وذلك لما له من ايجابيات متمثلة في الكلفة (17% أقل) وتماشيه مع توجهات البناء الصديق للبيئة من خلال تطبيق مفهوم اعادة التدوير وتوفير الكلفة اللازمة بإستخدام البنية التحتية الموجودة. ولا تعتبر المباني القديمة فقط هي التي يمكن إعادة توظيفها، بل ان مشاريع التطوير العقاري التي تم التخلي عنها واصبحت غير مكتملة بسبب توقف تمويلها، شكلت فرصة للشركات والمستثمرين لتملكها واعادة تطويرها وبالتالي تحقيق المخرجات المرجوة ذات قيمة مضافة.

سلط الوباء العالمي الضوء على المرافق الحيوية التي يمكن أن تستفيد منها كل دولة أو مدينة، والتي يمكن أن تساعد على تحديد الخيارات الأكثر تفضيلا لإعادة الاستخدام التكيفي للمباني والمشاريع. لقد أظهر لنا الوباء أيضًا الشركات الأكثر قدرة على الازدهار في هذه البيئة الجديدة، وبالتالي على نوعية العملاء الراغبين في الحصول على العقارات التجارية.


على مر السنين، قامت مجموعة اتحاد المستشارين بتنفيذ بعض مشاريع التجديد وإعادة الاستخدام التكيفية، حيث قمنا باعادة استخدام وتجديد وتطوير برج سكني وتجاري غير مكتمل بسبب تغير الطلب في السوق، وتحويله لمركز طبي متعدد التخصصات يعمل بالطاقة الشمسية، وقمنا كذلك بتجديد فيلا لسفارة هولندا، حيث يعتبر أول مبنى في الأردن يحصل على شهادة LEED الفضية ومشروع حالة دراسية لبناء صديق للبيئة.                            

لاحقاً سنقوم بتسليط الضوء اكثر، من خلال هذه السلسلة من المقالات واعطاء نظرة ثاقبة للمستقبل بما يخص التجديد وإعادة الاستخدام التكيفي والإحياء في دعم مالكي العقارات والمستثمرين والمطورين في سوق العقارات. حيث سنعمل على مشاركتكم بالمزيد من الأمثلة والفرص المحتملة التي شهدناها وعملنا عليها.

غيث أبوجابر: المدير التنفيذي لتطوير الأعمال في مجموعة اتحاد المستشارين، مقيم و يعمل حاليًا في دبي. تشمل خبرته الثرية مناصب سابقة في كبرى شركات العقارات والسياحة، بالإضافة إلى العمل في مشاريع خاصة وحكومية، مما منحه نظرة شاملة حول كيفية تطوير هذه الأنواع من المنظمات في جميع أنحاء المنطقة.

For better web experience, please use the website in portrait mode